+
----
-
من قصص السلف في حسن ظنهم بالله عند الموت
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فهذه شذرات وقطوفات عن محتضرين أكرمهم الله بحسن الخاتمة وبعفوه ورضوانه وذلك بظنهم الحسن بربهم نسأل الله أن يغفر لنا ويرحمنا وكل المسلمين بفضله وكرمه ومنه.
• قال عثمان بن عفان : « إذا احتضر الميت فلقنوه لا إله إلا الله ، فإنه ما من عبد يختم له بها عند موته إلا كانت زاده إلى الجنة ».
• عن صالح المري قال : سمعت أبا عمران الجوني يقول : « أوصاني أبو الجلد أن ألقنه : لا إله إلا الله ، فكنت عند رأسه وقد أخذه كرب الموت ، فجعلت أقول : يا أبا الجلد ، قل : لا إله إلا الله ، فقال : لا إله إلا الله ، بها أرجو نجاة نفسي ، لا إله إلا الله ، ثم قبض ».
• عن ثابت البناني قال : « كان شاب له رهق ، وكانت أمه تعظه ، تقول : يابني ، إن لك يوما ، فاذكر يومك ، إن لك يوما فاذكر يومك . فلما نزل أمر الله ، انكبت عليه أمه فجعلت تقول : يابني ، قد كنت أحذرك مصرعك هذا وأقول لك : إن لك يوما فاذكر يومك . قال : يا أمه ، إن لي ربا كثير المعروف ، وإني لأرجو أن لا يعدمني اليوم بعض معروف ربي أن يغفر لي . قال : يقول ثابت : فرحمه الله لحسن ظنه بربه في حاله تلك ».
• عن أبي غالب قال : « كنت أختلف إلى الشام في تجارة ، وعظم ما كنت أختلف من أجل أبي أمامة . فإذا فيها رجل من قيس ، من خيار الناس . فكنت أنزل عليه ، ومعنا ابن أخ له مخالف ، يأمره وينهاه ويضربه ، فلا يطيعه . فمرض الفتى ، فبعث إلى عمه ، فأبى أن يأتيه . فأتيته أنا به ، حتى أدخلته عليه ، فأقبل عليه يشتمه ويقول : أي عدو الله ، الخبيث ، ألم تفعل كذا ؟ ألم تفعل كذا ؟ قال : أفرغت أي عم ؟ قال : نعم . قال : أرأيت لو أن الله دفعني إلى والدتي ، ما كانت صانعة بي ؟ قال : إذا والله كانت تدخلك الجنة قال : فوالله لله أرحم بي من والدتي . فقبض الفتى . فخرج عليه عبد الملك بن مروان . فدخلت القبر مع عمه ، فخطوا له خطا . ولم يلحدوا له ، قال : فقلنا باللبن ، فسويناه . قال : فسقطت منها لبنة ، فوثب عمه فتأخر . فقلت : ما شأنك ؟ قال : ملئ قبره نورا ، وفسح فيه مثل مد البصر ».
• عن محمد بن أبان ، عن حميد قال : « كان لي ابن أخت مرهق ، فمرض ، فأرسلت إلي أمه ، فأتيتها ، فإذا هي عند رأسه تبكي ، فقال : يا خالي ، ما يبكيها ؟ قلت : ما تعلم منك ، قال : أليس إنما ترحمني ؟ قلت : بلى ، قال : فإن الله أرحم بي منها . فلما مات أنزلته القبر مع غيري ، فذهبت أسوي لبنه (اللبن اي الطوب) ، فاطلعت في اللحد ، فإذا هو مد بصري ، فقلت لصاحبي : رأيت ما رأيت ؟ قال : نعم ، فليهنئك ذاك ، فظننت أنه بالكلمة التي قالها ».
• عن يحيى بن يمان قال : قال سفيان الثوري : « ما أحب أن حسابي جعل إلى والدتي ، ربي خير لي من والدتي ».
• حدثنا عبد الله قال : حدثني أبو إسحاق الرياحي قال : حدثنا مرجى بن وداع قال : « كان فتى به رهق ، فاحتضر ، فقالت له أمه : أي بني ، توصي بشيء ؟ قال : نعم ، خاتمي ، لا تسلبينيه ؛ فإن فيه ذكر الله تعالى ، لعل الله أن يرحمني ، فرئي في النوم ، قال : أخبروا أمي أن الكلمة قد نفعتني ، وأن الله قد غفر لي ».
• حدثنا عبد الله قال : حدثني المفضل بن غسان ، عن أبيه قال : احتضر النضر بن عبد الله بن حازم ، فقيل له : أبشر . فقال : « والله ما أبالي ، أمت ، أم ذهب بي إلى الأبلة ، والله ما أخرج من سلطان ربي إلى غيره ، وما نقلني ربي من حال قط إلى حال إلا كان ما نقلني إليه خيرا لي مما نقلني عنه ».
• حدثنا عبد الله قال : حدثني الحسن بن جهور ، عن إدريس بن عبد الله المروزي قال : « مرض أعرابي ، فقيل له : إنك تموت . قال : إلى أين يذهب بي ؟ قال : إلى الله . قال : فما كراهتي أن أذهب إلى من لا أرى الخير إلا منه ؟ ».
• حدثنا عبد الله قال : حدثنا سوار بن عبد الله العنبري قال : حدثنا المعتمر بن سليمان قال : قال أبي حين حضرته الوفاة : « يا معتمر ، حدثني بالرخص ، لعلي ألقى الله وأنا حسن الظن به ».
• حدثنا عبد الله قال : حدثنا عمرو بن محمد قال : حدثنا خلف بن خليفة ، عن حصين ، عن إبراهيم قال : « كانوا يستحبون أن يلقنوا العبد محاسن عمله عند موته ؛ لكي يحسن ظنه بربه ».
باختصار وتصرف من كتاب "المحتضرين" ابن أبي الدنيا
إعداد
أبي أسامة سمير الجزائري